الملك محمد السادس يصدر قرار هام لجميع النساء والفتيات في المغرب

أصدر رئيس دولة المغرب الملك محمد السادس صباح اليوم بشكل رسمي قرار هام لجميع النساء والفتيات في المغرب حيثُ تعدّ حماية المرأة من جميع أشكال العنف الرقمي أمرًا ضروريًا وحاسمًا في المجتمع المغربي اليوم.

يتعرض العديد من النساء لتلك الظاهرة المؤذية التي تؤدي في بعض الحالات إلى الشعور باليأس والتفكير في الانتحار. لذا، يتوجب على الهيئات المدنية وحقوقية تبني استراتيجيات فعّالة لمكافحة هذا التهديد وحماية النساء وحقوقهن.

تعد جمعية “التحدي للمساواة والمواطنة” رائدة في مجال نشر الوعي حول مشكلة العنف الرقمي المتفشي في المجتمع. وفقًا لتقريرها الأخير، أعربت حوالي 87% من النساء اللواتي تعرضن للعنف الرقمي عن رغبتهن في الانتحار. وللأسف، قامت واحدة منهن بالفعل بالانتحار كنتيجة مباشرة لتلك التجربة المؤلمة. لذلك، فإن مكافحة هذا النوع من العنف أصبح أمرًا ضروريًا للحفاظ على حياة وسلامة النساء.

تعريف العنف الرقمي وخطورته

العنف الرقمي أو العنف السيبراني يمثل تهديدًا خطيرًا يستهدف النساء وينتهك خصوصيتهن وسلامتهن النفسية. يتضمن هذا النوع من العنف إرسال رسائل جنسية غير مرغوب فيها، التشهير، سرقة الهوية، سرقة البيانات الشخصية وحتى الابتزاز. ينتشر هذا العنف عبر الوسائط الاجتماعية، التطبيقات المشفرة والرسائل الإلكترونية، ويتسبب في تدهور الحالة النفسية للنساء المتضررات.

آثار العنف الرقمي على النساء

يتسبب العنف الرقمي في آثار سلبية عميقة على النساء وصحتهن النفسية والجسدية. فالضحايا يعانين من انخفاض مستوى الثقة بالنفس، والقلق المستمر، والاكتئاب، والشعور بالعار والذنب. قد يؤدي ذلك في بعض الحالات إلى زيادة نسبة التفكير في الانتحار وحتى الانتهاء بهن إلى فعل الانتحار.

إجراءات لحماية النساء ومكافحة العنف الرقمي

لحماية النساء من العنف الرقمي والحد من انتشاره، يجب تبني استراتيجيات شاملة تشمل التوعية والتشريعات القوية والدعم النفسي والمساندة المجتمعية. إليكم بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها:

أ- تعزيز التوعية: يجب تعزيز التوعية بمخاطر العنف الرقمي وأثره السلبي على النساء، وذلك من خلال حملات إعلامية وتثقيفية موجهة للمجتمع.

ب- تشريعات قوية: يتطلب مكافحة العنف الرقمي تشريعات قوية تحمي النساء وتعاقب المتحرشين والمعتدين الرقميين.

ت- تقديم الدعم النفسي: يجب توفير خدمات الدعم النفسي للنساء المتضررات، سواء عبر الخطوط الساخنة أو المراكز الاستشارية.

ث- تعزيز المساندة المجتمعية: يجب توفير شبكة دعم مجتمعية تساعد النساء في التعامل مع تجاربهن وتقديم الدعم العاطفي والمعنوي.

تتطلب مكافحة العنف الرقمي ضد النساء تضافر جهود المجتمع والهيئات المعنية. يجب أن نعمل معًا لتعزيز التوعية وتشريعات حماية النساء وتقديم الدعم النفسي والمساندة المجتمعية. فقط من خلال جهود مشتركة يمكننا حماية النساء وضمان سلامتهن من تهديدات العنف الرقمي والحفاظ على حقوقهن وكرامتهن.

تفاقم العنف الرقمي

تحذر الناشطات في مجال حقوق المرأة من تزايد خطورة العنف الرقمي الذي ينتشر بشكل واسع مع انتشار التكنولوجيا المعلوماتية الحديثة واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

تعتبر بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، العنف الرقمي ظاهرة مدمرة تؤثر على السلامة النفسية والاجتماعية والاقتصادية لضحاياه الذين يعانون في صمت، خوفًا من التشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

تضيف الناشطة في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” أن هذا النوع من العنف، الذي يزداد تفاقمًا، له تداعيات خطيرة على النساء اللاتي يصبن في أزمات نفسية قد تدفعهن إلى التفكير في الانتحار.

وتواصل الناشطة المدنية، التي ترأس الجمعية، تحذيرها المستمر من العنف الرقمي، وتعمل مع الجهات المعنية للحد من هذه المشكلة التي تؤثر على أكثر من 1.5 مليون امرأة في المغرب وفقًا للأرقام الرسمية.

ترى عبده أن “الانتقام من الضحية هو دافع واحد لهذا النوع من العنف، خاصة عندما يعتقد المعتدي أن الفضاء الرقمي هو وسيلة سهلة للتشهير والابتزاز دون معرفة العقوبات القانونية المترتبة على هذا الفعل”.

توضح المتحدثة أن الجمعية، من خلال حملتها “سطوب العنف الرقمي”، تقدم تطبيقًا إلكترونيًا للإبلاغ عن العنف ومركزًا لاستقبال النساء والفتيات لتقديم الدعم النفسي والقانوني لهن، بالإضافة إلى العمل على تبادل الخبرات والتجارب مع المجتمع المدني في مختلف مدن المملكة للتوعية والتحسيس بخطورة هذا العنف.

العقوبات

يعاقب القانون رقم 103.13 المتعلق بمكافحة العنف ضد النساء العنف الإلكتروني، حيث يتراوح عقاب هذا الفعل بين السجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات، بالإضافة إلى فرض غرامة مالية.

ويعاقب المادة 1-447 من القانون 103.13 بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات، كل شخص يقوم عمدًا وبأي وسيلة، بما في ذلك الأنشطة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو بث أو توزيع أقوال أو معلومات خاصة أو سرية أو صورة لشخص خلال تواجده في مكان خاص، دون موافقة صاحبها.

وفي المادة 2-447، يعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين سنة واحدة و3 سنوات كل من يقوم بأي وسيلة، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، ببث أو توزيع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته أو بدون الإشارة إلى أن هذه التركيبة مزيفة وغير حقيقية، أو ببث أو توزيع ادعاءات أو وقائع كاذبة، بهدف انتهاك حياة الأشخاص الخاصة أو التشهير بهم.

تشير الناشطة حقوقية ومحامية، زاهية اعمومو، إلى أن القانون الخاص بالعنف ضد النساء يرفع في المادة 3-447 العقوبة السجنية إلى 5 سنوات في حالة تكرار الأفعال السابقة أو إذا ارتكبت من قبل الزوج أو الطليق أو الخاطب أو أحد الأفرع أو الأصول.

تقول اعمومو في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية” إن القانون يشدد العقوبة إذا كانت الضحية ذات صلة قرابة بالمتهم، مثل الزوج الذي قد يستغل صور طليقته للضغط عليها والتفريط في حقوقها أثناء حدوث الطلاق.

التوعية

توافق زاهية اعمومو على أن العنف الإلكتروني يعد أحد أخطر أشكال العنف نظرًا لتأثيره النفسي والاجتماعي والاقتصادي الخطير، والذي قد يؤدي في بعض الحالات إلى الانتحار أو التفكير فيه.

وتدعو المتحدثة إلى نشر وتعريف الناس بالقانون الذي يعاقب على هذه الأفعال، مشيرة إلى استجابة السلطات القضائية بشكل إيجابي لعدد من قضايا العنف الرقمي، حيث صدرت أحكام بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات بحق المتهمين.

وتشدد المحامية على أهمية توعية الضحايا بضرورة الإبلاغ عن العنف الرقمي والحفاظ على وسائل إثباته من خلال الاستعانة بخبير قانوني لاستخراجها ومتابعة المتهم أمام القضاء.

بالنسبة لإحصائيات العنف الإلكتروني في المغرب، أفادت المندوبية السامية للتخطيط (المؤسسة الوطنية للإحصاء في البلاد) بأن 1.5 مليون امرأة مغربية تعرضن للعنف الرقمي سواء عبر المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني.

ووفقًا للأرقام التي أعلنتها المندوبية في تقرير صادر في مارس الماضي بمناسبة اليوم العالمي لحقوق المرأة:

  • يشكل العنف الرقمي 19% من إجمالي أشكال العنف في المغرب.
  • ترتفع نسبة العنف الرقمي بين نساء المدن إلى 16%.
  • يزداد خطر تعرض الطالبات والتلميذات لهذا النوع من العنف بنسبة 36%.
  • حوالي 73% من حالات العنف الرقمي يتم ارتكابها بواسطة رجل غريب.