الدكتور أحمد الطيب : مقياس الدين في اختيار شريك الحياة يؤسس الأسرة على قواعد صلبة
الدكتور أحمد الطيب

في الإسلام، تعتبر الزواج من الخطوات الهامة في حياة المسلمين، حيث يُعتبر تأسيس الأسرة على أساس ديني صلب وأسس متينة لاستقرارها وبقائها.

وفي هذا السياق، أكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، على أن المقياس الأساسي في اختيار الزوجة يجب أن يكون مقياس الدين، وذلك بسبب الأثر الكبير للدين في حياة الزوجين واستقرار حياتهما المستقبلية.

المقياس الديني في اختيار الزوجة

بالنسبة للشاب والشابة، يجب أن يكون المقياس الأول والأهم في اختيار الشريك هو مدى تدينه وتدينها. فالإسلام يعلمنا أن التدين ليس مقتصرًا فقط على أداء العبادات المفروضة، بل يشمل أيضًا الأخلاق والسلوك الحسن والتزام القيم والمبادئ الدينية. وهذا ما يعكس جوهر الدين وحقيقته العميقة.

فضيلة الإمام الأكبر أكد في حديثه على أن مقياس الدين في اختيار الزوجة والشاب ليس مجرد أداء العبادات الظاهرية، مثل الصلاة والصوم، وإنما يشمل أيضًا الأخلاق والأدب والصدق والصداقة والمروءة والعفة والورع والتواضع والتسامح والرحمة والعدل، وغيرها من الفضائل والقيم التي تشكل أساسًا قويًا لنجاح الحياة الزوجية.

التدين واجتهاد الشخص في العبادات

وفي هذا السياق، يجب أن نفهم أن التدين ليس مجرد اتباع العادات والتقاليد فأن الدين في الإسلام ليس مجرد اتباع العادات والتقاليد، بل يتضمن جوانب عديدة من الأخلاق والقيم التي تؤثر في تكوين الشخصية والتصرفات اليومية. وعندما يتعلق الأمر بالزواج، فإن الإسلام يعتبر المقياس الأساسي في اختيار الزوجة هو مقياس الدين.

أهمية الدين في اختيار الزوجة

فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف يشير إلى أن الدين يعد مقياسًا أساسيًا في اختيار الزوجة والشاب، وأنه يتعدى جوانب العبادات المفروضة مثل الصلاة والصيام. بل إن التدين يتعامل مع الأخلاق والقيم الأساسية التي تؤثر في استقرار الحياة الزوجية وبقائها.

واختيار الزوجة التي تمتلك قواعد صلبة في الدين يضمن تأسيس أسرة متينة تستند إلى الأخلاق والقيم الإسلامية. فعندما تتمتع الزوجة بالدين، فإنها تمتلك قاعدة قوية للتصرف بطريقة حكيمة ومتوازنة في الحياة الزوجية، مما يسهم في استقرار العلاقة الزوجية وتعزيز التفاهم والمحبة بين الزوجين.

ويجب أن نفهم أن التدين ليس مجرد اتباع العادات والتقاليد، بل هو اجتهاد في تحسين الأخلاق والسلوك والعمل الصالح، وهو ركيزة أساسية في تكوين شخصية الإنسان المسلم.

يجب أن ندرك أن التدين ليس مجرد اتباع العادات والتقاليد، بل يتضمن أيضًا الأخلاق والفضائل والآداب. فالقرآن الكريم قد عرض العديد من الآيات التي تتحدث عن مقاصد الصلاة والصوم والزكاة والتطهير والتزكية، والتي ترتبط بالأخلاق الحميدة والتقوى. وكذلك ورد في حديث رسول الله ﷺ عن امرأة كانت تصوم وتقوم الليل، إلا أنها كانت تؤذي جيرانها بلسانها، وهذا يشير إلى أن الأخلاق الحسنة التي تتعامل بها مع الآخرين ولا تؤذيهم بلا حق هي جزء لا يتجزأ من الإسلام والدين.

ويؤكد الرأي السابق على أن الغرض من هذا التحليل السريع لمعنى التدين هو أن الأخلاق والدين أمر واحد. فعندما نذكر من صفات المرأة التي تدعو إلى الزواج بها ونشير إلى وصف الدين منها، فإننا نعني بهذا المعنى المرتبط بالأخلاق والفضائل. ويتداول الدين وجوده وعدمه حسب صحة الأخلاق.

يُؤكد الكاتب على أنه يجب أن نعرف أن معايير اختيار شريكة الحياة تنطبق بالمثل عند اختيار الفتاة شريك حياتها. ويُشير إلى أن الأمر في هذه الحالة أكثر خطورة وأكثر تخوفاً، لأنه يمكن أن تكون أسباب التعطيلات التي تؤثر على استقرار الأسرة متراكمة في يد الزوج الذي يُغريه الثروة أو الجاذبية الخارجية بالطلاق أو التعدد.

ويشير إلى اهتمام الإسلام بالأسرة وعدم اضطرار الفتاة للزواج من شخص لا تحبه أو لا تشعر بالرغبة فيه، ويعد ذلك ممنوعًا تمامًا على ولي أمور الفتيات، وكان هذا النوع المؤلم من الزواج موجوداً في عصور قريبة وكان يمثل حالة تتغلب فيها العادات والتقاليد على أحكام الشريعة.

ويضيف أن الإسلام لا يجيز للفتاة أن تختار شاباً غير كفء لها أو لعائلتها ثم تفرضه عليهم باسم الشريعة وحرية الاختيار، بل عليها أن تعلم أنها عضو في أسرة، وأن الحكم الشرعي في هذه الحالة متساوٍ.

تسليط الضوء على أهمية أن نتعلم أن معايير اختيار شريك الحياة تنطبق أيضًا على اختيار الفتاة شريك حياتها، وعدم الانبهار بالثروة أو الشكل أو وجاهة الأُسرة. ويُشير إلى أن الأمر هنا أكثر خطورة وأكثر تأثيراً، حيث تكون أسباب الاضطرابات والمشاكل التي تؤثر على استقرار الأسرة مرتبطة بشكل كبير بخيارات الزوج الذي يتأثر بثروته أو وسامته في قراراته بشأن الطلاق أو التعدد.

ويشير إلى اهتمام الإسلام بالأسرة وعدم إجبار الفتاة على الزواج من شخص لا تحبه أو لا تشعر بالميل إليه، وأن ذلك محرم بشكل قاطع على أولياء أمور الفتيات. ويشير إلى أن هذا النوع المؤلم من الزواج كان موجوداً في العادات والتقاليد حتى عهد قريب، وكان يتعارض مع أحكام الشريعة.

ويضيف أن الإسلام لا يسمح للفتاة أن تختار شخصًا غير كفء لها أو لعائلتها وتفرضه عليهم باسم حرية الاختيار والشريعة. ويجب على الفتاة أن تدرك أنها عضو في أسرة، وأن الحكم الشرعي هنا متساوٍ بين الزوج والزوجة.

ويشير إلى أن من اهتمام الإسلام بالأسرة أيضًا هو نهيه على الشاب ألا يخطب على خطبة شاب آخر، وإنما عليه أن ينتظر إتمام الخطبة وينصرف عن المخطوبة أو يفسخ الخطبة قبل أن يتقدم إليها. ويشير إلى أن الحديث النبوي صريح في هذا الأمر، حيث ينص: “لا يخطِبُ الرَّجلُ على خِطْبةِ أخيهِ، حتى يترك الخاطبُ قبله، أو يأذَن له الخاطب»، والنَّهيُ هنا للتحريم، إذ هو حُكْم الأخلاق التي بُعِثَ نبي الإسلام ﷺ ليتمِّم مكارمها “.

وفي الختام، يتضح أن لا حرية للزوج والزوجة في معاملة بعضهما البعض استنادًا إلى المزاج أو التحامل أو العناد، بل يتوجب عليهما الالتزام بالمسؤولية الشرعية والتي تتضمن إيثار المعاملة بالمودة والاحترام المتبادل. وهذه المسؤولية الشرعية، وما يترتب عليها من تفضيل المعاملة الحسنة والرحمة والعشرة المعروفة، تعزز استقرار الحياة الزوجية وتحميها. ويكمن سر السعادة في هذه المعاملة الحسنة التي تنبع من أعماق القلب، ولا تكتسب من الأشياء الخارجية، بل تستمد قوتها وجمالها من الروحانية الدينية والمبادئ الإسلامية.