عشرات الأيدي المقطوعة في قصر مصري قديم : هل كانت طقوسًا مروعة؟
قصر مصري قديم بعد 3500 عام

تشير دراسة جديدة إلى أن الأيدي المقطوعة التي عثر عليها في فناء قصر مصري قديم يمكن أن تكون نتيجة لطقوس مروعة، وذلك وفقًا لما كشفت عنه نقوش المقابر والمعابد المصرية. تعود هذه الأيدي إلى فترة مبكرة من المملكة الحديثة، وقد تم العثور عليها في الأصل في عام 2011. ووفقًا لمعدي الدراسة الجديدة، يمثل هذا الاكتشاف المرة الأولى التي يتم فيها تحليل أيدي فعلية مبتورة.

تم تحليل هذه الأيدي، واتضح أنها تعود إلى ما لا يقل عن أحد عشر رجلا وربما أنثى واحدة. وتم العثور عليها مدفونة في ثلاث حفر منفصلة في فناء قصر الهكسوس في أفاريس/تل الضبعة في شمال شرق مصر، والذي يعود تاريخه إلى الأسرة الخامسة عشرة.

علماء الآثار يكتشفون 12 يداً مقطوعة في قصر مصري قديم بعد 3500 عام!

وبينما كان يعتقد سابقًا أن الهكسوس هم غزاة مصر وأن ملوكهم هم أوائل حكام الحضارة الأجانب، فإن الأدلة الحديثة تشير إلى أن هذا الفهم السابق قد يكون أسيء فهمه. إذاً، ما هي الأسباب الحقيقية وراء هذه الأيدي المقطوعة؟ هل كانت نتيجة لطقوس مروعة، كما يشير تحليل الدراسة الجديدة؟

تشير النقوش المصرية إلى أن الأيدي المقطوعة كانت تستخدم في طقوس “أخذ الكأس” من قبل الغزاة الأجانب. وفي هذا الطقس، كان الغزاة يجبرون الأسرى على شرب مادة غامضة، وبعد ذلك كانوا يقومون بقطع من قبل غزاة أجانب.

تشير الأدلة التي اكتشفها فريق البحث الألماني والنمساوي إلى أن الأيدي المقطوعة التي وجدت في الحفر ربما تم وضعها عمدا. وتقول الدراسات أن هذه الأيدي تعود إلى 12 شخصا بالغا على الأقل، ومن الممكن أن يكون هناك ما يصل إلى 18 يدا.

كان الفريق بقيادة جوليا غريسكي، عالمة أمراض الحفريات في المعهد الأثري الألماني في برلين، يدرس أسباب وضع الأيدي المقطوعة. وعلى الرغم من أن انفصال أجزاء الجسم بمرور الوقت ليس شيئًا غير عادي، إلا أن الأدلة تشير إلى أن هذه الأيدي تم وضعها بشكل متعمد.

وقال الباحثون: “بعد إزالة أي أجزاء متصلة من الساعد، تم وضع اليدين على الأرض بأصابع مفلطحة عريضة، خاصة على جانبي الراحتين”.

تم العثور على عظام الرسغ المرتبطة بالأيدي في الحفر، وتبين أنها سليمة في 6 من 12 يدًا تم فحصها، ولم يتم العثور على شظايا عظام تحت الذراع، مما يشير إلى أن الأيدي ربما تم بترها عمدًا. ويعتقد الباحثون أن هذه الطريقة تستخدم عادة في تشويه الأشخاص بعد الموت، ولكن بعض الأجزاء الداخلية للذراع لا تقطع عند استخدامها، وهذا ما يمكن أن يفسر سبب عدم وجود شظايا عظمية في الحفر.

ومن المثير للاهتمام أن الأيدي كانت “ناعمة ومرنة” عندما تم العثور عليها، مما يشير إلى أنها ربما دُفِنت قبل ظهور تيبس الموتى أو بعد فترة وجيزة من زواله.

يتفاوت ظهور مرض تيبس الموت بأجزاء مختلفة من الجسم، ويبدأ عادة في اليدين بعد حوالي 6-8 ساعات من الوفاة. ولذلك، يعتقد العلماء أنه ربما تم قطع أوصال الأفراد خلال أو بعد فترة قصيرة من الوفاة، ووضعت الأيدي في الحفرة بعد وفاتهم.

وعلي ما يبدو أن العلماء قد توصلوا إلى نتائج مثيرة بخصوص تقطيع الأيدي في الحضارات القديمة، وهذا يشير إلى وجود عادات وتقاليد مختلفة قد تكون لها دوافع وأسباب مختلفة. ومن المثير للاهتمام أن الأيدي كانت تدفن في موقع بارز ومرئي للجمهور، مما يشير إلى أنها كانت تستخدم كرمز أو رسالة للمجتمع. قد يكون هذا يدل على وجود ممارسات اجتماعية متعددة في تلك الحضارات التي لا تزال تحير العلماء حتى يومنا هذا.

يُعتقد أن الهكسوس كانوا يمارسون بتر اليد اليمنى في مصر قبل حوالي 50 إلى 80 عامًا قبل أن يتم تسجيل هذه الممارسة في الهيروغليفات، وهو ما توصل إليه الباحثون.

يقول الباحثون: “اعتمد المصريون هذه العادة على أبعد تقدير في عهد الملك أحمس، كما يتضح من كومة من الأيدي في معبده في أبيدوس”.

تتساءل هذه الدراسة عن الغرض الحقيقي لهذه الممارسة، ما إذا كانت تعتبر عقابًا أو جائزة للانتصارات العسكرية.

وهنا يقولون: “إن موقع، وعلاج، وربما وضع الأيدي المقطوعة يحاجج ضد فرضية عقوبة إنفاذ القانون باعتبارها الدافع لهذه الأفعال”.

وقد كانت الحفر التي دفنت فيها الأيدي موجودة في الفناء الأمامي الكبير للقصر، أمام غرفة العرش. ويعتقد الفريق أن وضعها في مثل هذا المكان البارز المرئي للعامة شهادة على مدى انتشار ممارسة تقليد “الحصول على الكؤوس”.

وهنا يقول الباحثون: “إن موقع، وعلاج، وربما وضع الأيدي المقطوعة يشكل دليلاً ضد فرضية استخدام العقاب كدافع لهذه الأفعال”. ويعتقد الفريق البحثي أن وضع الأيدي المقطوعة في مثل هذا المكان البارز والمرئي للعامة، يدل على انتشار ممارسة تقليد “الحصول على الكؤوس”. وكانت الحفر التي دُفِنت فيها الأيدي موجودة في الفناء الأمامي الكبير للقصر، أمام غرفة العرش.

المصدر: روسيا اليوم